16-حزيران-2017
عندما قال الملا مصطفى البارزاني لوفد صحفي من بغداد سأله عن جلال طالباني : (بضاعتكم ردت اليكم)!
لندن ـ العباسية نيوز
في اعقاب صدور بيان 29 حزيران 1966 الذي اصدرته حكومة المرحوم عبدالرحمن البزاز، نظمت وزارة الإرشاد، هكذا كان اسمها قبل ان تتحول الى (الاعلام) في مطلع السبيعينات، رحلة لمندوبي الصحف المحلية الى شمال العراق، للقاء مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بمقره في كلالة.
وكان ضمن الوفد الصحفي مندوب جريدة (الجمهورية) المرحوم هاشم النعيمي (ابو حرية) الذي اقدم على تقبيل يد الملا عند السلام عليه، مما اثار استهجان زملائه عليه، الامر الذي لاحظه البارزاني وحاول التخفيف عن ذلك بالقول : انا وهاشم سادة واخوان، هو سيد نعيمي وانا سيد نقشبندي!
وبدأت اسئلة الصحفيين تتوالى على الملا مصطفى الذي كان يجيب عليها بتلقائية، دون تكلف او تهرب، وكانت تتمحور حول بيان 29 حزيران الذي استقبل في الاوساط الكردية بحفاوة واضحة، باعتباره اول اعتراف من الدولة العراقية بحقوق الاكراد القومية والثقافية.
وحان دور الصحفي سامي فرج علي مندوب جريدة (المنار) وكانت اوسع الصحف العراقية اليومية، بكادرها المتميز الذي كان يقوده صاحبها المرحوم عبدالعزيز بركات، وسكرتير تحريرها الصحفي المخضرم صادق الازدي رحمه الله في طرح الاسئلة على الملا مصطفى البارزاني.
وكان سامي فرج في ذلك الوقت، احد نجوم الصحافة العراقية والعربية، فهو إضافة الى كونه محررا سياسيا بارزا في (المنار) فقد كان يراسل صحيفة (الانوار) ومجلة (الصياد) اللبنانيتين، وينشر فيهما مقالات سياسية وتقارير إخبارية وحوارات صحفية، كانت تستقطب اهتمام الأوساط السياسية والشعبية في العراق.
ولان سامي كان يراسل مجلة (الصياد) كما قلنا سابقا، وهي مجلة اسبوعية سياسية، كانت تحظى حينذاك بمتابعة من الرؤساء والقادة العرب، فقد حرص ان يكون حواره مع الملا متميزا، يقوم على اسئلة مباشرة وقصيرة، على طريقة (سين وجيم) التي كرسها الاخوان مصطفى وعلي امين في صحافة (اخبار اليوم) المصرية.
وكان أول أسئلة سامي الى الملا عن رأيه في رئيس الجمهورية المتحدة جمال عبدالناصر؟ فرد الملا سريعا: زعيم عظيم.
وعن رأيه في الرئيس وقتئذ عبدالرحمن عارف قال: انه انسان تيب (طيب) وقال عن رئيس الوزراء البزاز، انه رجل حكيم.
وفجأة طرح سامي سؤالا مباغتا على الملا، وطلب رأيه في جلال طالباني، وكان يستعد الى القدوم للعراق من طهران مع رفاقه ابراهيم احمد وعمر دبابة وحلمي شريف واخرين، كان البارزاني قد طردهم من الحزب ولاحقهم حتى الحدود الايرانية حيث استقبلهم شاه ايران ووفر لهم الاقامة والعيش هناك.
وما ان انتهى سامي فرج من طرح سؤاله حتى انتفض الملا، واحمر وجهه وبرقت عيناه غضبا، وقال بحدة (جلال .. آخ جلال، لو امسكت به حتى في الآخرة لذبحته بيدي، امام الله سبحانه وتعالى) لفظ العبارة بقوة شديدة وألم واضح، ثم هدأ قليلا بعد ان لاحظ الوجوم على وجوه الصحفيين من جوابه الصادم، واضطر إلى اصطناع الابتسام بصعوبة، وخاطب الوفد الصحفي وجميع أعضائه من العرب، وأكمل رأيه في جلال قائلا : بضاعتكم ردت اليكم!
وانتهى اللقاء وفي طريق عودة الصحفيين الى بغداد، توقف عدد منهم في كركوك وتوجهوا الى تكية طالبان في المدينة حيث كان في استقبالهم الشيخ عارف طالباني وهو رجل دين ومفكر وباحث، واطلعهم على المكتبة العامرة بامهات الكتب والمجلدات التاريخية والمخطوطات، وفي المكتبة اشجار العوائل والاسر الطالبانية ومن ضمنها اجداد جلال طالباني، وجميعها يعود في اصولها الى العهد العباسي، ولما ابلغ الصحفيون، الشيخ عارف بما قاله الملا مصطفى عن جلال طالباني وخصوصا عبارته الاخيرة (بضاعتكم ردت اليكم)، ضحك الشيخ وكان يتميز بطلعة مهيبة ووجه سمح وقال: واضح ان الملا يعير جلال والطالبانيين بانهم من اصول عربية، حسنا ولكن لماذا لم تسألوه عن نسبه وأصول عشيرته (النقشبندية) من اين جاءت الى بارزان والزيبار؟