هارون محمد

15-آذار-2017

لقاء تشاوري سني هز شيعة ايران

 

 

يتوسل قادة الاحزاب والكتل الشيعية خلف الكواليس وعبر القنوات السرية بشخصيات سياسية وقيادات اجتماعية سنية عربية، لطي صفحة الماضي القريب، وما تركته من آثار مؤلمة وكوارث مروعة في العراق ، والبدء بحوار وطني (هكذا يقولون) لتسوية المشاكل التي خلفها الاحتلال الامريكي وحل الازمات التي افتعلتها الحكومات المتعاقبة، ولكنهم عندما يلاحظون نشاطا لطرف او اطراف سنية، حتى على مستوى التشاور، يرتجفون خوفا، وكأن افعى قد لدغتهم، وورمت السنتهم، لتقذف مفردات مليئة بقبح الكلام واتهامات التخوين.

انها لعبة صغار لم تعد تنطلي على أحد، وقد كشفت الاحداث منذ بدايات الاحتلال، ان القيادات الشيعية التي وفدت على العراق، لا تحسن غير الدس والافتراء والشتم والرياء، ولا تصلح لادارة دولة مثل العراق، زاخرة بالكفاءات في جميع الميادين والمجالات، بينما هي متخلفة وتحمل عقد نقص دونية وضحالة فكرية ونفوس تواقة للسطو واللصوصية، والمفارقة المدهشة ان كثيرا من هذه القيادات ممن لجأ وعاش في دول اوربية وولايات امريكية وكندية، لم يستفد من تحضرها وانجازاتها، وانما اشتد في نفاقه السياسي وغالى في طائفيته مما يؤكد انه معوق نفسيا وفكريا، ولم يشف من عوقه، رغم ما قدمته تلك الدول له من خدمات وتعليم ورعاية صحية ومعيشية.

ومن هذه النماذج شخص يدعى خلف عبدالصمد، كان معلما في البصرة، اعتقل نهاية الثمانينات واعترف بانتمائه الى حزب الدعوة المحظور، ولكن السلطات الحكومية اطلقت سراحه بموجب عفو رئاسي، وغادر الى اوربا لاجئا وتنقل بين دولها، يقبض من حكوماتها، رواتب ومخصصات سكن وتأمينات صحية، الى ان اكتشف احتياله عند تطبيق نظام (البصمة) في الاتحاد الاوربي، واضطر الى اختيار هولندا والاقامة فيها، وعاد الى العراق عقب احتلاله مدعيا بانه حصل على شهادة الدكتوراه وعين محافظا للبصرة ثم نائبا عن حزب الدعوة وهو الان رئيس كتلة الحزب البرلمانية، وقد اوردنا اسمه وسيرته (الجهادية) ، لانه اطلق تصريحا مضحكا عن اللقاء السني التشاوري الذي شهدته انقرة في الثامن من الشهر الحالي، عندما وصفه (بانه يندرج ضمن مخطط لحماية اسرائيل) مع علمه مسبقا، ان المجتمعين الـ(24) ليسوا زعماء دول ولا رؤساء حكومات ولا قادة فيالق، حتى يرسموا سياسات ويهيئوا قطعات عسكرية لحماية اسرائيل من شبح هجوم  يعشعش في رأس هذا (الدكتور) المزور. !

واذا كان منطق عضو مكتب سياسي لحزب حاكم، ومحافظ سابق وبرلماني حالي، على هذه الصورة، فلماذا نلوم مواقف نائبة زميلة له في ائتلاف دولة القانون، اسمها عالية نصيف، هي في الاصل (دلالة) ومعقبة دعاوى في دائرة التسجيل العقاري بمنطقة البياع البغدادية الشعبية، التي سارعت  الى محكمة في جانب الكرخ وسجلت شكوى ضد احد المشاركين في اللقاء التشاوري وهو الشيخ خميس الخنجر، الامين العام للمشروع العربي، طالبت بمحاكمته وفق المادة (4 ارهاب) التي ابتدعها نوري المالكي وخصصها لملاحقة الالاف من السنة العرب حصرا، وبالتأكيد فان النائبة المحترمة ، وهي تطلع على تصريحات زميلها ورئيس كتلتها الـ(خلف)، قد انتعشت وزادت حيويتها، وربما تسرح في خيالها وتصدق اوهامها، بان الشيخ الخنجر صار يرتجف رعبا عند سماعه باسمها.

وعودة الى اللقاء التشاوري الذي عقد في انقرة، بمشاركة مجموعة ضمت شخصيات بعضها يشارك في العملية السياسية، واغلبها يتحفظ عليها ويدعو الى اصلاحها، وبحضور ممثلين رسميين من تركيا والسعودية والامارات وقطر والاردن، فانه كرس للبحث في جملة من القضايا العراقية، ابرزها: بلورة رؤية سياسية واجتماعية لمستقبل المحافظات السنية المدمرة بسبب سيطرة داعش عليها واحتدام العمليات العسكرية فيها، ورسم خارطة طريق جديدة تؤمن السلم والاستقرار في مناطقها، وتسهيل عودة اربعة ملايين نازح ومهجر سني الى ديارهم ومدنهم، ووضع مشروع دولي وعربي لتعمير ما خربه الاحتلال الداعشي، بعد عجز الحكومة العراقية عن المساهمة في خطط الاعمار والتنمية.

ودعا اللقاء الذي استمر يومين، الاطراف الشيعية المتنفذة، الى مغادرة سياساتها الطائفية التي سهلت لتنظيم داعش، احتلال ثلثي مساحة العراق، وطالبها بتبني مباديء العدل والانصاف في التعاطي مع المكونات العراقية، وتكريس سيادة القانون واحترام حقوق الانسان ونبذ اجراءات التهميش والتمييز والاجتثاث، واصلاح العملية السياسية التي يعترف الجميع بما فيهم اهل الحكم انفسهم، بعيوبها وانحرافها.

هذه هي ابرز التوصيات التي اصدرها المشاركون في لقاء انقرة التشاوري الذي تبلغت به الرئاسات الثلاث في بغداد رسميا ورحبت به، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا استشاط حزب الدعوة وعملاء ايران غضبا على اللقاء، وتوصياته التي تصب في خدمة العراق وتسعى الى النهوض به بعد سلسلة الكوارث التي ضربته نتيجة ممارسات الحكومات المتعاقبة التي رأسها قادة هذا الحزب الطائفي الفاسد ؟

واضح ان سخط موالي ايران، على اللقاء، نابع من نظرة طائفية حقودة لا تريد للمحافظات السنية العربية ان تنهض وتزيح ركام الخراب الذي دمر مناطق وبلدات فيها بالكامل، ولا تريد ايضا للدول العربية ان تساهم في اعمارها لتبقى مدن اشباح لا حياة فيها، حتى يتيسر لها القضاء على ملايين السنة العرب بالاقصاء والتهجير والملاحقات الكيدية، والدليل على ذلك ان المليشيات الشيعية العميلة لايران، ما زالت تمنع الملايين من النازحين الى مناطقهم في جرف الصخر بشمالي بابل ومحافظتي ديالى وصلاح الدين رغم مرور عامين على تطهيرها من داعش.

لقد انتبه السنة العرب من فرط ما كابدوه من ظلم وعدوان طيلة السنوات السابقة الى ضرورة تنازل بعضهم لبعض وتجاوز الخلافات الشكلية بينهم، والتوجه لخدمة بيئتهم واهلهم ومناطقهم، بعد ان تفهم العالم والدول العربية والاسلامية قضاياهم العادلة، وباتوا وحدهم من يحدد خياراتهم المستقبلية، ولن يقبلوا بعد الان ما يقرره الاخرون لهم.                          





التعليقات

إضافة تعليق

الاسم  
التعليق