01-تموز-2016

التشكيلية السعودية مهدية آل طالب ومعرضها الجديد (حاضر المدينة)

 

نشر الكاتب والناقد زكي الصدير في صحيفة (العرب) اللندنية عرضا عن المعرض الاخير للتشكيلية السعودية مهدية آل طالب وعنونته بـ(حاضر المدينة) في صالة عبدالله الشيخ بفنون الدمام، وضم سبعة عشر عملا فنيا سرياليا أنجزته خلال العام 2016.

يقول الصدير ان آل طالب اتخذت في معرضها الجديد من صور الطير والحصان رموزا للإنسان بكل صراعاته وتطرفه حيال أيديولوجيته وعقائده، واستعانت في ذلك بألوان الأكريليك والمكس ميديا والكولاج على مساحات لونية كبيرة، وهي عالجت من خلال ألوانها بعض القضايا المشغولة بسؤال الهوية وارتباكاتها عبر المدرسة التعبيرية المسكونة بالتصوّف والروحانية الواضحة في أسماء لوحاتها، التي اعتبرتها الفنانة عتبة نصية للمتلقي أثناء محاولته استنطاق لوحاتها وقراءتها، حيث عنونت أعمالها بـ(الناهضون) والنديون والناجون والمتدبرون والاستنباطيون، والمتسلقون، ونبض الطرق، ويحكون، ووجه العابرين، ووجه الموانئ.

وحاولت مهدية في تجربتها أن تقدّم فكرة الصراع الاجتماعي في المدينة بشكل عام، وذلك بين فصائله المختلفة المتمثلة في الدينيين والمثقفين والليبراليين والسياسيين والرأسماليين، وكيف أن هذا الصراع الأبدي لن يرهق سوى الإنسان الذي يقف في دهشة مستمرة حيال ما يدور حوله من قضايا لا ناقة له فيها ولا بعير، الأمر الذي يجعل من قضاياه المصيرية العادلة مثل قضية فلسطين هامشية وبعيدة عن همه اليومي في صراعاته اللحظية الطويلة، وعن ذلك تقول مهدية ان أساس المعرض يعتمد على فكرة ثلاثية، وتفصيل لأصناف البشر المتباينة، والفكرة الثلاثية هي: (الدين والقوانين والثقافة)، فكلما كان الدين أكثر روحانية وتسامحا، والقوانين أكثر إنسانية، كان ناتجهما مجتمعا راقيا متطورا بعيدا عن المجتمعات العالقة في الكهوف، والتي أفسدت بلدانها، وكان هذا الهاجس واقع البعض من البلدان العربية، وقد تلاشت منها ظاهرة الإنسانية، لذا أخفيت الإنسان في هذه المجموعة وحلت محله عناصر أخرى، فيها اختزال وتبسيط وملئت بحروف رمزية كناية عن الثرثرات الحاصلة في أي مجتمع، لهذا كان اسم المعرض (حاضر مدينة) إشارة إلى غياب الإنسانية والإنسان وحضور الثرثرة.

وشخصيات مهدية آل طالب محايدة في صراعاتها، وأحيانا مستسلمة لمصيرها، تحاول أن ترصد ما يدور حولها دون أن تتدخل في مآلاتها التاريخية الحتمية، لهذا نجدها في حالة ثبات وسط اللوحة معاينة الحقيقة ومستبصرة فيها وآخذة بما ستؤول إليه، إنها توصّف الواقع دون أن تتدخل فيه.

وترى مهدية أن تطوّر المجتمعات الإنسانية ومدنها في حواضرها القائمة لا يكون إلاّ عبر نبض الفنان وإحساسه العميق بما يجري من حوله، وأن هذا الفنان أداة كاشفة للمنطقة المغيّبة عن الآخرين الذين لا يبصرون سوى ظاهر الأشياء دون باطنها، لهذا تؤكد مهدية على أن الفنان يجب أن يحمل رسالة سامية ذات مضمون خالد، وألاّ يرمي نفسه على عتبات التجارة أو الديكور فينسى رسالته الحقيقية.

 

 

 





التعليقات

إضافة تعليق

الاسم  
التعليق