08-حزيران-2016

دراما الحسينيات..
دعاية صفوية على الفضائيات العربية

 

 

تتّخذ طهران من الدراما والإعلام وسيلة رئيسية في سياستها تجاه الشرق الأوسط وهي تلعب على ورقة ذكية كقصص القرآن والأنبياء وتجسيد الشخصيات المقدسة.

 

على هذا الأساس تخطط إيران للعب دور إقليمي وفرض نفسها على المنطقة العربية بكافة الطرق والوسائل الممكنة. وإذا كان البعد السياسي هو المنطلق الأول لها في هذا الاتجاه، فقد وجدت في السلاح الفني والثقافي الحل الأمثل المتاح أمامها لعرض ثقافتها على جمهور غفير من المشاهدين في الدول العربية، وأرضية خصبة للحضور والتوسع وإحياء فتن دفينة منذ قرون.

 

وبهذا المنطق قرّرت إيران، أسوة بغريمتها التركية، أن تتّخذ من الدراما والإعلام وسيلة رئيسية في سياستها تجاه الشرق الأوسط، مركّزة بالأساس على نقطتين رئيسيتين؛ الأولى أن الدراما الإيرانية دراما “محتشمة” مقارنة بمسلسلات تركيا، والثانية الفتوى التي تمنع تصوير الأنبياء والرسل.

 

والمتابع للدراما الإيرانية التي عرضت على شاشات عربية، أو تلك التي تعرضها قناة آي فيلم، وهي قناة إيرانية ناطقة بلسان عربيّ، يلاحظ أنها تركّز بالأساس على أعمال تاريخية ذات صبغة دينية ضمن توجه مدروس متطابق تماما مع النموذج السياسي الإيراني.

 

تلعب الدراما الإيرانية على ورقة حساسة جدا، ولكنها ذكية، وهي فكرة قصص القرآن والأنبياء وتجسيد الشخصيات المقدسة التي تحظى بقدر كبير من التبجيل والاحترام مهما كانت طائفة المشاهدين أو انتماؤهم الديني؛ فتجسيد هذه الشخصيات، باستثناء آل البيت، غير محظور في إيران، وبالتالي هي تجعل من الممنوع متاحا، بل تخرجه في إطار درامي جميل ومفقود في الإنتاج العربي، وبترجمة عربية فصيحة ووجوه جميلة تشدّ المشاهدين؛ ومن خلالها تستطيع أن تبعث ما شاءت من رسائل.

 

على هذه الأرضية تتقدم الدراما الفارسية إلى بلاد العرب واعدة بأن تراعي الشعب الإيراني كما الشعب العربي” على عكس ما تقدمه الدراما التركية والقنوات الغربية. وعرضت الفضائية العربية مسلسلات إيرانية مثل الإمام علي والإمام الحسن، والإمام الحسين، والنبي أيوب وأهل الكهف.

 

وتحقّقت ذروة نجاح الدراما الإيرانية مع مسلسلي يوسف الصدّيق ومريم العذراء. وقد ساهم الجدل الذي أثاره علماء سنيّون حول المسلسلات الدينية الإيرانية، والذين ذهبوا إلى حد تحريم مشاهدة مسلسل يوسف الصديق، في لفت المشاهد العربي إلى هذا النوع الجديد من الدراما، الذي وجد الساحة خالية في ظلّ القحط الذي ضرب مجال الإنتاج الديني العربي.

 

ويحذّر الدكتور مالك الأحمد في دراسة حول الدراما الإيرانية من أن الدراما الإيرانية تمثل الجانب الناعم في المشروع الإعلامي الإيراني فهي تغطي أغلب القضايا الإنسانية والدينية ضمن مستوى جيد فنيا وآمن أخلاقيا؛ مضيفا أن الدراما الإيرانية تعتبر إحدى أهم وسائل التطبيع، وكسب ثقة المشاهد السني، من أجل تمرير رسائل أعمق وأخطر لاحقا، سواء البرامج أو الإخبارية السياسية.

 

ويبدو أن النجاح الذي حقّقه هذا العمل أثار حماسة الفضائيات العربية فقرّرت أن تقود ثورة مضادة في مجال الأعمال الدرامية الدينية؛ متحدّية فتاوى المؤسسات الإسلامية القائلة بتحريم المسّ بقدسية الشخصيات الدينية وتجسيدها، وجعلت من هذا النوع من الأعمال، رغم ثراء مادتها، مفقودا.

 

ومن بين هذه الأعمال ظهر مسلسل الفاروق، ليكون أول عمل درامي تلفزيوني عربي يجسد شخصية الصحابي وأحد العشرة المبشرين بالجنة، عمر ابن الخطّاب‏. وأشاد النقاد بهذه التجربة التي تكسر تفرّد إيران بإعادة إنتاج القصص القرآنية، وروايات التاريخ الإسلامي، وتسويقها إلى الخارج بعد إعادة صياغة التاريخ الديني وفقا لمذهبها.

 

وخلال هذا الموسم الرمضاني، يجري عرض أكثر من عمل ديني مصحّح لبعض تلك الأخطاء الواردة في الدراما الإيرانية وبعض الأعمال الدرامية الأخرى، على غرار مسلسل سمرقند الذي يتناول قصة الحسن بن الصباح، مؤسس حركة الحشاشين في إيران في نهايات القرن الخامس الهجري، الحركة التي عُرفت بالاغتيالات وتدبير المكائد. (العرب)





التعليقات

إضافة تعليق

الاسم  
التعليق